في أيامنا هذه، ومع تطور قوانين الأحوال الشخصية والأسرة، أصبحت إجراءات الطلاق فعلياً أسهل، لكن يبقى قرار إنهاء الزواج والعودة إلى حياة العزوبية، بكل ما قد يحمله ذلك من تبعات، قراراً من الصعب اتخاذه على أيّ امرأة.
قرار الطلاق دائماً قرار صعب، مهما كنتِ مقتنعة بموقفك ومهما عشت من معاناة في زواجك، ولكي تعرفي جيِّداً ما أنت مُقدِمة عليه، ولكي تقدّري حجم المسؤولية وطبيعة المرحلة المقبلة من حياتك، هناك أسئلة معيّنة يجب أن تطرحيها على نفسك قبل أن تتخذي نهائياً قرار الطلاق.
هل أنا مضطرة؟
"في كثير من الحالات، يطلق الزوجان بسرعة" يقول المحلل النفسي فانسان غارسيا مؤلف كتاب "إما الرضا التام أو الطلاق": "لقد أصبح الناس يستهلكون الحياة الزوجية، ثمّ يرمونها مع أوّل أزمة أو شعور بعدم الرضا، وأصبحوا أقل ميلاً إلى تقديم تنازلات".
وسواء أكان السبب هو الملل أم الخيانة الزوجية، أم انعدام الرغبة أم الشعور بالإهمال، فإن جميع الأزواج يجدون أنفسهم في مرحلة ما من حياتهم معاً، وهم يفكرون في إمكانية الطلاق. "من المهم أن تتوافر الجرأة لدى الزوجين لطرح هذا السؤال، يقول فانسان غارسيا، لأنّ هذه المراجعة تعني التساؤل حول ما يمكن أن يغذي الحياة الزوجية وينميها". عدما تجدين أن هناك نقائص في حياتك الزوجية، لا تقولي: "هناك عيوب، إذن عليّ أن أنفصل عنه، وأضع حداً لهذه الحياة ابذلي جهدك وابحثي لماذا ظهرت هذه النقائص والعيوب؟ وما السبيل إلى إصلاحها؟ السؤال الأوّل الذي عليك طرحه عندما تفكرين في الطلاق ليس هو: ما الذي يجب عليّ فعله بل هو: ما الذي أوصلنا إلى هذا؟".
هل الزوج هو وحده المسؤول عن هذه الأزمة؟
قبل اتخاذ أي قرار، ينبغي عليك أن تطرحي بعض الأسئلة، عن حياتك الزوجية وعن ذاتك أيضاً، عليك أن تراجعي نفسك. وماذا لو اكتشفت أن كل ما حصل ليس بسبب الطرف الآخر وحده كما نعتقد غالباً؟ وينصح المحلل النفسي بأن عليك ألا تنظري إلى نفسك كضحية. "الزواج هو شخصان لكل واحد منهما نصيبه من المسؤولية في كل شيء، حتى في أسوأ الأزمات التي يمكن أن تمر بهما علاقتهما.
هل أنتِ حقاً مضطرة لكي تتخذي القرار بسرعة؟
في حياته المهنية، قابل المحلل النفسي فانسان غارسيا العديد من الأزواج، الذين كانوا مستعجلين جدّاً لإنهاء زواجهم، وتم لهم ذلك بالفعل في غضون أسابيع قليلة. وكان دائماً دَهِشاً لإصرارهم واستعجالهم على الطلاق بتلك السرعة، بعد أن تقاسما حياتهما اليومية لمدة سنوات. يقول غارسيا: "أنت في حاجة إلى ثلاثة أشهر على الأقل من التفكير العميق لكي تطرحي على نفسك الأسئلة اللازمة، وعلى الأقل ثلاثة أشهر أخرى لكي تتوصلي إلى أجوبة عن هذه الأسئلة. ومادمت تعرفين أن إمكانية الطلاق متافرة بالنسبة إليك، وأن هناك باباً مفتوحاً يمكنك استعماله في أي وقت للخروج فلماذا تستعجلين؟ "إنّ الحليف الأول لكل فراق هو الوقت. لهذا، لا داعي للعجلة، وتخلصي أوّلاً من ذلك التوتر الداخلي الذي يسكنك في فترة اللازمة، والذي قد يكون أحياناً مجرد وهم".
هل اتخذت القرار الصحيح؟
متى ينبغي عليك أن تطلبي الطلاق؟ وكيف تعرفين أنّ العلاقة لم يعد لها أي مستقبل؟ للأسف، من المستحيل معرفة ذلك والتأكد منه، تماماً مثلما لم تكوني واثقة بذلك وأنت تُقبلين على الزواج، الشيء الوحيد المؤكد هو أنك لا تدخلين الحياة الزوجية، الشيء الوحيد المؤكد هو أنك لا تدخلين الحياة الزوجية بالصدفة، والشيء نفسه ينطبق على الطلاق. إنّه قرار، وينصح الزوجين المقبلين على الطلاق، بأن يبدآ بالرجوع إلى المنبع، إلى البداية، وأن يتذكرا كيف بدأت قصتهما، وما الذي كان يعجب كلا منهما في الآخر، ولماذا قررا أن يعيشا معاً إلى الأبد، وأين وصل مشروعهما كزوجين، وهل لديهما الرغبة أم لا لكي يكملا حياتهما معاً.
هل يمكنك أن تستمري على الرغم من كل شيء؟
وإلى صعوبة اتخاذ القرار المصيري، تضاف صعوبات مشاكل عديدة ينبغي حلها، مثل الجانب المادي، وكيف ينبغي تقسيم الممتلكات، وكيف يمكنك أن تتخلي عن مستوى معين من العيش كان يوفره لك زوجك، ومشاكل شخصية مثل: هل سأتمكن من العيش وحدي؟ كيف ستكون نظرة الناس إليّ كامرأة مطلقة؟ يجب أن تعرفي أنك باتخاذك قرار الطلاق تلقين بنفسك في عالم من المجهول ومن الوحدة، وهذا هو ما يفسر أن بعض الأزواج يفضلون أن يبقوا معاً على الرغم من كونهم لا يحبون بعضهم البعض. البعض الآخر يبقون مع بعض من أجل مصلحة الأطفال، ولكي يجنبوهم التعرض لصدمة انفصال الوالدين. والسؤال هنا هو: أي صورة تريدين أن تُبلغيها لأطفالك؟ هل هي صورة زوجين بالغين يعيشان مع بعض لكنهما تعيسان وكل من حولهما تعيس وعنيف وكئيب أيضاً؟ إذا كان الزوجان سيبقيان مع بعضهما بهذا الشكل، فإنّ الانفصال أفضل شريطة أن يتحمل الوالدان مسؤوليتهما تجاه الأبناء بعد الانفصال. يجب ألا ينسى الشريكان أنّه إذا كان انفصالهما يلغي أنهما زوجان، فإنّه لا يلغي كونهما والدين. والأهم هو أن لا يسعى أي طرف منهما إلى تصفية حساباته مع الطرف الآخر، باستخدام الأطفال كورقة للضغط.
كيف تتغلبين على الإحساس بالذنب؟
نادراً ما تحصل المرأة، وحتى الرجل، على الطلاق من دون أن يشعر بتأنيب الضمير لأنّه طلب الطلاق. كيف يمكن ألا تفكري في الألم الذي قد تكونين سببته للطرف الآخر الذي أحببته لسنوات بطلبك الطلاق والحصول عليه؟ وعندما يجد البعض أنفسهم غير قادرين على تحمل هذا الإحساس، فإن ما يفعلونه هو أن يدفعوا الطرف الآخر إلى أن يبادر أولاً إلى طلب الطلاق، حتى لا يشعروا هم بتأنيب الضمير، لكن ليس هناك انفصال من دون معاناة أبداً. والتحدي هو أن تتحملي هذه المعاناة ولا تسمحي لها بأن تحطمك.
الطلاق.. هل هو فشل؟
أن تُطلقي، معناه أن تري زواجك وعالماً بأكمله وجزءاً من حياتك ينهار، وتنهار معه أحلامك، سواء أكانت تلك التي حققتها أم تلك التي لم تحققيها بعد. من الصعب إذن أن تفلتي من الإحساس بأنك تنفصلين عن زوجك، بعد كل هذه السنوات من الحياة المشتركة. لكن الطلاق لا يعني بالضرورة الفشل. بالنسبة إلى المحلل النفسي غارسيا: "لكي لا يكون الطلاق مرادفاً للفشل يجب أن يأتي بعد توافق الطرفين وبعد تفكير طويل وناضج". ولا تنسي أن كل أزمة تمرّين بها هي دافع لك لكي تتحسني. ويبقى القرار بيد كل زوجين أن يقررا هل يريدان الخروج من الأزمة معاً أم كل على حدة؟