تكشف
عملية بحث بسيطة في السير الذاتية لمسؤولي المعارضة الليبية الذين أصبحوا
قادة ليبيا الجدد، أن تشكيلة ما يسمى بالمجلس الوطني الانتقالي في ليبيا،
انقسمت بين مسؤولين سابقين في نظام القذافي، كانوا حتى وقت قريب يسبحون
باسمه وبكتابه الأخضر، وبين مرتزقة وانتهازيين متقلبو الولاء تحت شعار ''من
يدفع أكثر؟''.
مصطفىعبدالجليلبالرغم
من أن عبد الجليل كان أول المنشقين عن نظام القذافي عندما كانت انتفاضة
الشعب الليبي في مهدها، إلا أن مساره السياسي وتاريخه في نظام القذافي،
يشهدان بأنه كان يدين بالولاء لسيف الإسلام القذافي، كون عبد الجليل كان من
فئة المسؤولين الليبيين دعاة الإصلاح الذي كان يتزعمه سيف الإسلام وينادي
بالانفتاح السياسي التدريجي. وقد شارك مصطفى عبد الجليل في العديد من
الأنشطة التي رعتها مؤسسة القذافي الخيرية التي كان يرأسها نجل العقيد
الليبي، سيف الإسلام. وفي هذا الإطار، فإن عبد الجليل قام أسابيع فقط قبل
قيام الثورة ضد نظام القذافي بتوزيع جوائز وشهادات فخرية على عدد من
المكرمين من طرف مؤسسة سيف الإسلام، وقد حظي الحدث حينذاك بتغطية إعلامية
كبيرة من طرف وسائل الإعلام الليبية، حتى أن صور التكريم التي تظهر عبد
الجليل مبتهجا رفقة مسؤولين في مؤسسة القذافي الخيرية ما تزال موجودة. مسار
مصطفى عبد الجليل وتاريخه في عهد نظام القذافي، يكون أقل سوادا من نظيره
بالنسبة إلى عدد آخر من مسؤولين وقادة المجلس الانتقالي الليبي، فاللواء
عبد الفتاح يونس العبيدي وزير الداخلية المنشق عن نظام القذافي والذي قتل
فيما بعد من طرف ''جهاديين'' يشكلون فرقة خاصة ضمن كتيبة ''شهداء أبو
سليم'' المنتمية لثوار ليبيا، يعتبر بنظر الليبيين بمثابة المسؤول الأول عن
مجزرة سجن أبو سليم في طرابلس الذي قتل فيه ما يربو عن 1200 سجين إسلامي،
أطلقت قوات الشرطة عليهم النار لإخماد تمرد قاموا به داخل السجن.
عبدالحفيظغوقةمنذ
اغتيال وزير الداخلية الليبي السابق عبد الفتاح يونس، من طرف ''جهاديين''
تمكنوا من اختراق صفوف ثوار ليبيا، حرص عبد الحفيظ غوقة نائب رئيس المجلس
الانتقالي والناطق باسمه، على التقليل من التواجد الميداني في بنغازي أو
غيرها، إلى جانب التقليل من الظهور الإعلامي على شاشات الفضائيات، بعدما
كان في وقت سابق يسجل أكثر من 4 تدخلات على قنوات تلفزيونية يوميا، فاسحا
بذلك المجال لمحمود الشمام ليظهر إعلاميا عندما يتعلق الأمر بالشؤون
السياسية وللعقيد أحمد عمر باني فيما يتعلق بالمسائل العسكرية.
وكان
سبب ''اختفاء'' غوقة هو إدراكه بأنه يوجد في المركز الثاني ضمن قائمة
المهدور دمهم من طرف قدامى الجماعة الليبية المقاتلة، بسبب تورطه في
استغلال معاناة ومآسي أهالي السجناء الإسلاميين في معتقل أبو سليم، لجني
أموال طائلة وتحقيق ثروة.
ويكفي
أن نعرف أن اسم غوقة لا يحظى بترحاب وقبول كبيرين من لدن الإسلاميين
وعائلاتهم في مدن شرق ليبيا، كون المحامي عبد الحفيظ غوقة تعهد بالتأسس في
عشرات القضايا الخاصة بأهالي ضحايا سجن أبو سليم، ووعدهم بتمكينهم من
الحصول على مبالغ مالية كبيرة لكنه كان في كل مرة يختفي عن الأنظار بمجرد
تسلمه مستحقاته وأتعابه. واسم العائلة غوقة مقترن لدى الليبيين بالعمالة
لنظام القذافي لأقصى الحدود، كما أن نفس الاسم يمثل بالنسبة إلى غير
الليبيين عنوان فضائح أخلاقية، حيث كان والد عبد الحفيظ غوقة واسمه عبد
القادر غوقة التي كان فيها بطلا لفضائح أخلاقية وأخرى سياسية بالجملة جرت
أطوارها في العاصمتين المصرية واللبنانية القاهرة وبيروت، عندما شغل مناصب
دبلوماسية سنوات السبعينات والثمانينات. في العاصمة اللبنانية بيروت، عرف
والد عبد الحفيظ غوقة بمغامراته العاطفية، وضبطه في حالة تلبس أكثر من مرة
في جلسات خمر حشيش ونساء، غير أن الوضع الداخلي للبنان خلال الحرب الأهلية
جعل من سفير ليبيا في بيروت يفر من الحساب لأكثر من مرة. وفي مصر، تزامن
عمل والد القيادي في المجلس الانتقالي الليبي دبلوماسيا في سفارة القذافي
بالقاهرة، بحادثة تفجير طائرة ركاب مدينة كانت متوجهة من بنغازي نحو
القاهرة، وهي الحادثة التي وجهت أصابع الاتهام فيها لنظام القذافي. نفس
الاتهامات تقريبا طالت السفير الغوقة في قضية اختفاء الغمام الشيعي
اللبناني موسى الصدر كون الغوقة كان ما يزال سفيرا في لبنان عندما اختطف
نظام القذافي الإمام الصدر.
خليفةحفترلا يعرف
عن العقيد خليفة حفتر الكثير، عدا مشواره العسكري في نظام القذافي حتى
خيانته خلال حرب ليبيا مع تشاد، فعندما هاجمت قوات القذافي قوات الرئيس
التشادي آنذاك حبري، وتمكنت من التوغل في ظرف وجيز إلى غاية العاصمة
التشادية نجامينا، قام العقيد حفتر بالتمرد على نظام القذافي وقام بتسليم
نفسه لعناصر من المخابرات الأمريكية الذي قاموا بدورهم بتأمين الحماية له،
وتجنيده ليقود قوات مرتزقة مناهضة لنظام القذافي كانت تتخذ من الحدود
التشادية الليبية معاقل لها، غير أنه وبعد فترة هاجر العقيد حفتر إلى
الولايات المتحدة الأمريكية، أين أقام لأكثر من عشرين سنة في بنسلفانيا،
وتحديدا في منزل فخم يقع بمنطقة قريبة من المقر العام للمخابرات الأمريكية.
محمودشماميشغل
الشمام في الوقت الحالي منصب مسؤول الإعلام بالمكتب التنفيذي التابع للمجلس
الوطني الانتقالي، وهو المنصب الذي يوازي منصب وزير الإعلام. غير أن هذه
المهام لم تمنع الشمام من الاحتفاظ بمنصبه كمدير تحرير للنسخة العربية من
مجلة ''فورين بوليسي'' الأمريكية، وهي مجلة تعنى بالنخبة والكوادر ومقربة
جدا من دوائر القرار في واشنطن. الشمام الذي عرف خلال الأسابيع الماضية
بحملته المسعورة ضد الجزائر وقصفه المركز على كل ما هو جزائري، لا يعرف عنه
أمور كثيرة ظلت لوقت طويل مستترة على الرأي العام حتى داخل ليبيا. فقد شغل
الشمام في وقت سابق منصب عضو في مجلس إدارة شبكة ''الجزيرة'' القطرية، إلى
جانب شغله منصب مدير تحرير النسخة العربية لمجلة ''نيوزويك'' المقربة من
الإدارة الأمريكية.