بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
فقد ولدنا جميعاً بإمداد متدفق من حب الذات، حب الذات هو خاصية طبيعية موجودة لدى جميع الأطفال.
هل شاهدت طفلاً قط لا يريد الحب والإهتمام ولا يحدث ضجة كبيرة عندما لا يجد ذلك.
كأطفال نحن نحب ذواتنا ونحترمها، الآن فقط ونحن راشدين نخاف أن نظهر ذلك ونخفيه فقد تعلمنا أنه من الخطر أن نحب أنفسنا علناً أمام الآخرين وأنه من الأسلم لنا أن نخفي حبنا لذواتنا.
وذُكِرَ في الموضوع السابق أن هناك خمس رسائل لاشعورية إستملناها ونحن ننمو تمنعنا من حب أنفسنا بعمق لبقية حياتنا، تعلمنا أن لا نحب أنفسنا بخمس طرق أساسية:
هذه الرسائل هي:
1- من غير اللائق أن تقدر نفسك.
2- من غير اللائق أن ترغب بنفسك.
3- من غير اللائق أن ترتكب الأخطاء.
5- من غير اللائق أن تعبر عن نفسك.
1- من الجيد أن تقدر نفسك: تعلمنا منذ الطفولة أننا حين نظهر كم نحب أنفسنا حقاً أن الأمر مخطر فالآخرين سينتقدوننا ويسموننا بالأنانية، تخيل أنك عند وصولك إلى حفلة ما صادفك شخص وقال لك إنك تبدو رائعاً هذه الليلة وتخيل أنك وافقته الرأي فهو سيدير ظهره لك ويمضي معتقداً أنك إنسان غريب! وحتى نحصل على حب الآخرين علينا أن نخفي حبنا لأنفسنا ونقلل من شأن أنفسنا وبذلك يكون حبنا لذواتنا مكبوتاً ومنسياً.
2- من الجيد أن نرغب بأنفسنا: تعلمنا منذ الصغر أننا إذا فكرنا بالحصول على أكثرمما لدينا يجعلنا نوصف بالأنانية وحتى تصبح محبوباً حاول أن تقمع رغباتك وتتحرك حسب رغبات الآخرين حتى تربح حبهم واحترامهم وبالتالي عليك أن تشعر بالذنب تجاه أحلامك وطموحاتك.
3- من الجيد أن تكون تلقائياً وعلى طبيعتك: إذا لاحظت أن عاطفة الحب تتذبذب تجاهك كطفل فأنت ستقرر حتماً أن جدارتك وحسناتك تعتمد على قدرتك في ارضاء الغير وعمل ما يسرهم وبذلك يصبح تقديرك لذاتك شيئاً معتمداً على مدى إرضائك للآخرين بكونك جيداً في نظرهم، فيصبح مظهرك أفعالك قدراتك هي فقط لتفعل ماهو متوقع منك!
لأنك لست مثالياً سوف تشعر بأنك لا تستحق التقبل وسوف تخرج بنتيجة عدم الثقة في الحب المعطى لك.
4- لا مشكلة من ارتكاب الأخطاء: ربينا كأطفال أننا عندما نكون على حق فإننا نفوز وعندما نرتكب خطأ ما فإننا سنفقد الحب هذا ما يسمى بالحب المشروط، وهناك وجه آخر للتطرف: وهو منح الحب الغير مشروط للطفل فعندما يسئ التصرف ويخطئ ويتظاهر والداه أن كل شيء على ما يرام ويتجاهلان المشكله فإن الطفل لا شعورياً يشعر بعدم التقبل والاستحسان والمقاومة، وفي كلا الحالتين يشعر الطفل بأنه ليس مثالياً وأنه لا يستحق الاستحسان عندما يعطى له ويتعلم بأن لا يثق في الاستحسان من الغير ويخاف عدم استحسانهم له في الوقت ذاته.
5- لا مشكلة من التعبير عن ذاتك: نتيجة لحاجتك لإرضاء والديك والتفاني في الحصول على حبهما فأنت تفقد قدرتك في التعبير عن ذاتك بتلقائية فهناك جزء منك يريد التعبير عن نفسه ولكن هناك جزء آخر يريد الحب والتقبل وسيضحي بالتعبير عن الذات ليحصل على الحب والتقبل فيقمع إمكاناته الداخلية ويعيش بإحباط وفشل داخلي.
تعلم أن تثق في الحب:
كل هذه الشروط التي تحتم عليك بألا تكن (أنت نفسك) في سبيل الحصول على الحب لها نتيجة مؤسفة وهي أنك تفقد قدرتك على استلام الحب فعلاً من الآخرين ..
إذا كان هناك جزء منك يخفي حقيقتك وما أنت عليه فعلاً ولا يعبر عنك بالكامل ويحاول جعلك كالأخرين فأنت لا تستطيع أن تثق في الحب المعطى لك، وعندما يعبر لك أحدهم عن حبه صوت خافت بداخلك يقول لك:
( بالتأكيد لن يقولون ذلك إذا عرفوني حق المعرفة) وتحاول جاهداً إرضاء الآخرين وأنت على يقين بأن أنت الحقيقية لن تظهر أبداً وهذا يمنعك من أن تشعر بالراحة تجاه اي استحسان تحصل عليه.
فإذا كنت غير قادر على حب ذاتك فستفقد قدرتك على استلام الحب فعلاً من الآخرين.
ونتيجة لرغبتك في إرضاء الآخرين والإحساس بأنك مرغوب وكأغلب الناس فقد تعلمت وتبنيت إستراتيجيات مختلفة من السلوك صممتها لتحصل على ما تحتاج من الإستحسان وأصبحت كأدوار تلعبها أو أنماط من الشخصية تمثلها بشكل شعوري أو غير شعوري, عند عرض هذه الأنماط قد تلاحظ جزءاً من نفسك يمثل بعضها أو جميعها، هناك أيضاً بعض القواعد لكسر هذه الأدوار والبدء في التعبير عن الذات التي دفنت بالداخل.
ترقبوا الموضوع اللاحق والذي سأطرح لكم فيه من تلك الأدوار والأنماط التي تختبئ وراءها الذات الحقيقية، وماهي القواعد التي تكسر هذه الأدوار للبدء في التعبير عن الذات الخفية.
كونوا معي.