بكت الجميلةُ...
رأت الجميلــة في الهمـوم حياتــها
فمضـت تعـبُّ الكـأس من أحزانها
ورمـت ببـاقي الحـب والحـس الذي
عـرفت شـذاه كبعض حلـو زمانها
قـالـت تحـدث، لحظـة الصفو التي
جمـدت لديـها فأمسكـت بعنـانها:
ألـي فـي الحيـاة مؤمــل حتى أعيـ
ش مشـاعـري الملغـاة قبل أوانها؟
ألـي فـي الحيـاة مسـاحة أمشي بها
جذلـى أنـاجي الوُرق في أغصانها؟
أنـا لست أعرف مـذ وعيـت هشاشتي
إلا انكسـار النفـس من خــذلانها
أنا كلمـا يممـت شطــر سعــادتي
وحلمـت أنـي نجمـــة في كونها
ورأيتنــي فـي هـودج الدنيا عروسا
تخجــل الأطيـاب من ريحــانها
تتسـابـق النسمــات حولـها شرَّحا
وتـراكض الأشــواق في ميـدانها
ألقـى علـيَّ الدهـر قبضــة حكمه
"أن فـارجعـي نحو الهموم، وغنِّها"
بكـت الجميلـة، فاستحــال بكـاؤها
دررا تسـاقط من جحيـــم عيونها
ونسـت بأن الكــون كلــه منصت
ويئـنُّ إن نـاحت عـروس زمانها
قـالت: أنــا رمـز الأسـى وشعاره
وأنـا الشقــاوة في أوجِّ جنــونها
وأنـا التـي قدمت نفســي للعـــذا
ب كفديـة الأحــزان أو قربـانها
وأنـا التــي ما عــدت أدرك من أنا
ورقــاءُ تـاهت عـن مدى أفنانها
بكـت الجميلــة، مـن رأى بدرا بكى
أو شمعــة تختــال في ذوبـانها
أو وردة تـذوي بأيــدي عـابـــث
أو طفلـــة زُفَّـت إلى أكفــانها
بكـت الجميلــة فانتضت هذي الحـرو
ف لترسـم المعنــى على أوزانها
ولكـي تنيــر إلى السعـــادة دربها
ولكــي تبـث الفـرْح في وجدانها
وإذا بكـل الكــون كلْمـة شاعـــر
آذاه سيـل الدمــع من أجفــانها
قـالت لهـا: أن يا جميلـــة كفكفـي
هـذي الدمــوع، وهوِّني من شانها
هيـا افرحـي وتشبثــي بسعـــادة
لاحت فلا تحـرمـك من لقيـانها
هـذي الحيـــاة مساحــة كبرى فلا
تحيـيْ ببعض الحــزن في أركانها