انفصل عمن أحب
وأنا في ذروة هذا الحب
في ذروة اشتباكي بالبحار والمدن والأصدقاء
بالنهد والحديقة
والمقهى
بالفرج الذي ينبت على حوافه عشب الخلود.
لأن الغياب الذي سيحتل المكان بقفزة نمر
والذي يصحبنا على هيئة الملاك الحارس
جلاد اللحظة
ناطور الثكنات،
أحاول ترويضه بإجتراحه
بالإقامة في حناياه
الغياب الذي لا يقيم.
* * *
كنت قبل قليل سأكتب
عن الفجر الذابل والقمر الذي يثير الرعب أو الشفقة
في هذه الأراضي القصية
عن شرفة في الجحيم
تبدو فيها النجوم أطيافاً لموتى قادمين
لكن روح الطائر التي حلقت أمامي
وكأنما روح النعمة تنشر حفيفها على الأشجار
والأكمات
لكن قراءتي للبسطامي
(حدّاد نفسه ومرآتها)
لكنني
أولاً وأخيراً
تذكرتك
وأنت تصنعين القهوة في الصباح
* * *
يا لفتنة الصباح
لأول مرة يطلع هذا الصباح
بسفنه الجانحة في الضباب
روح نسيم يطوّق جسدي
والعذوبة تلفح أعماقي
بمطرٍ قديم.
أستطيع الآن أن أتبينك
وسط حشودي وعزلتي،
ربما لأول مرة في محطة القطار
بين الشمال والجنوب
سارحاً بفيالقه في الظلمة
معباً بالأوهام والجثث
قطار الشرق
الذي نعرفه جيداً.
كان عليّ أن أكتب في مديح خصرك
المتلاشي
في الأماسي الناعسة على الضّفاف
أن أصف أيامنا الجميلة
كان عليّ أن أكتب
عن الصباحات التي تسيل على الوجنتين
عن الخلاخيل الفضية والرؤى والأساور
اكسسواراتك المفضلة
عن الموت الذي شيد أبراجه عالياً
من اللمسة الحانية
والرغبة المحتدمة بين عشيقين.
لكن الجندي استلني من أحشائك
رغم أن أذني بقيت لصق فوهتك
الهائلة
مصغية لأنين القادمين من أغوارها العميقة
أستطيع الآن أن أتبيّنك:
صورتك المعلقة على الجدار
فرشاة الأسنان والأمشاط
المشتركة
أشياؤك المبعثرة في جنبات
الغرفة
طيورك الصّاخبة تحلق فوق
رأسي طوال الليل
والموجة التي تغمر الفراش
بالزّبد والأنين